أنا وأختى وراء التجويف البريتونى، وحول العمود الفقرى نقوم بأعمال عظيمة لا تخطر لكم على بال!، وجهك إذا كان ورديًا أو أصفر، فذلك لأننى أفرز هرمونا اسمه إرثروبيوتين ينشط نخاع العظام لإفراز ملايين من كرات الدم الحمراء، وإذا مرضت ولم أفرز هذا الهرمون، فعليكم بثلاث حقن تحت الجلد كل أسبوع بمئات الجنيهات.
أنت يا مسكين وقعت من طولك بسبب انخفاض ضغط دمك، قد يكون بسبب خبر سيئ أو نزيف أو جلطة فى القلب، ولا بد من رفع ضغط دمك، أنا الكلى التى أقوم بإنقاذك، فورًا أفرز إنزيمًا اسمه RENIN يعيد ضغطك إلى حالته الطبيعية مؤقتًا حتى يتم علاج السبب.
أنا المخابرات العامة لجسمك، اختبأت فى مكان بعيد حتى أرصد سوائلك، فأنا أرشح ١٨٠ لتر سوائل يوميًا، أسترد للجسم ١٧٨٫٥ ماء وأملاحا، وأطرد ١٫٥ لتر ماء وعناصر لا يحتاجها الجسم كالبولينا والكرياتينين، وهذا ما تسمونه البول، فإذا تقاعست عن مهمتى هذه تورمت قدماك، وامتلأ بطنك بالماء «الاستسقاء»، واحتجت للغسيل الكلوى لسحب الماء والمواد الضارة من الدم.
أنا صاحبة الفضل على عظامك بفضل الهرمون الذى أفرزه واسمه «CALCITRIOL كالسيتريول» الذى ينشط فيتامين د الخامل فى أجسادكم حتى يقوم بدوره مع الكالسيوم فى العظام، لذا تجدون آلام العظام وهشاشتها حين أضعف بسبب الضغط والسكر «٥٠٪ من حالات الفشل الكلوى»، وقد أمرض بأسباب أخرى كأمراض المناعة أو التهابات أو حصوات أو إهمال فى مراقبة أنفسكم.
الغالى تبيعونه رخيصًا ولا تعرفون أنه غال جدًا، ويمكنكم الاطمئنان على أنفسكم «بتعريفة»!، اذهب لأى معمل واطلب البولينا والكرياتينين فى الدم، البولينا قد ترتفع وأنا سليمة!، ذلك لأنك بسلامتك أكلت لحومًا بكثرة، أو تتعاطى الكورتيزون!، وقد تكون البولينا منخفضة وأنا سليمة مثل الحمل، الأنيميا، نقص البروتين فى الطعام!،
ولكنى إذا مرضت ترتفع البولينا فى الدم، وتفرز فى اللعاب وتعطى رائحة الأمونيا ذلك لأنها مركبة من جزأين من الأمونيا، وتفرز البولينا فى المعدة فتعطى أعراضًا كالرغبة فى القىء، القرف من اللحوم، وتفرز فى القولون، فتؤدى للإسهال، وتفرز على الجلد فتؤدى للهرش حتى يقطع المريض جلده، كل ذلك لأنى عاجزة عن طرد البولينا من الدم إلى البول، وقد غيرنا اسم التسمم بالبولينا إلى التسمم بالبوتاسيوم، لأن القلب يتوقف بارتفاع البوتاسيوم ولا يتوقف بارتفاع البولينا وأصبح اسمها: Hyperkalemia.
أما الكرياتينين فهو أدق من البولينا، وهو نتاج نشاط العضلات، لذا قد يرتفع بعد مجهود رياضى وأنا سليمة، أو بعد علاج بالكورتيزون، وقد ينخفض مع التقدم فى العمر أو الحمل، وعمومًا هو أعلى عند الرجال عن النساء بسبب الكتلة العضلية، ولكن الأكفأ من الاثنين «البولينا والكرياتينين» هو ما نسميه G.F.R أى كم سنتيمترا مكعبا من الدم نرشحه أنا وأختى فى الدقيقة، فإذا كانت ٩٠ أو أكثر فهذا عظيم ودرجة أولى، ولكن ٩٠ إلى ٦٠ تكون درجة ثانية من كفاءتى، أما إذا كانت من ٦٠ إلى ٣٠ فهى درجة ثالثة، من ٣٠ إلى ١٥ فهى مرحلة رابعة، وتحت ١٥ سم٣ دم فى الدقيقة فهى مرحلة خامسة وتحتاج إلى غسيل دموى أو زراعة كلى.
لحسن الحظ أصبحت المعامل تقدم لنا G.F.R، وإن كان الأدق منها: المسح الذرى للكليتين Renogram لا يزال لدىَّ الكثير الذى أود قوله لكم، وأطلبه منكم!، نحن فى مصر خمسة أضعاف العالم فى الفشل الكلوى، وهذا خراب لميزانية وزارة الصحة، التى يمكن تخفيضها بمراقبة ضغطكم وسكركم بجهازين فى منازلكم.